هل نحن حملة الڤایروسات الصامتة؟

 

بەرزان حەمەسور

 

الناقلات الصامتة: محاربة الفيروسات داخل أنفسنا


في عالمنا الحديث، غالبًا ما يستحضر مصطلح "الفيروسات" صور الغزاة الصغار الذين يسببون أمراضًا ملحوظة يمكن علاجها عادةً بالأدوية المناسبة. ولكن هناك نوع آخر من الفيروسات أكثر غدرا ومقاومة للعلاجات التقليدية. وهذا الفيروس ليس مرضا جسديا، بل هو مجموعة من السلوكيات والمعتقدات والأحكام المسبقة التي يمكن أن تنتقل عبر الأجيال، مما يسبب الضرر ويشجع على العنف.

هذا الفيروس يمكن أن يتخذ أشكالا عديدة. ويمكن أن يتجلى في العنصرية، أو التعصب، أو الكراهية القومية أو الدينية - وهي مواقف تقوض أسس مجتمعنا وتضر بحياة أولئك الذين يؤوونهم. وعلى عكس الأمراض الجسدية، فإن هذه الفيروسات لا تستجيب للمضادات الحيوية أو اللقاحات. إنهم يزدهرون في صمت، ويغذيهم الجهل والخوف، ويستمرون في الانتشار لأنهم غالبًا ما يمرون دون منازع.

الخطوة الأولى في محاربة هذا التهديد غير المرئي هي الاعتراف بوجوده داخل أنفسنا. وهذا يتطلب شجاعة هائلة لأنه ينطوي على مواجهة حقائق غير مريحة حول تحيزاتنا وكيف أننا قد نساهم دون قصد في المشكلة. إن الاعتراف بأننا حاملون لهذا الفيروس لا يجعل منا أشخاصًا سيئين؛ بل إنه يوفر لنا الفرصة للنمو والشفاء.

ومن المهم أن نفهم أن حمل هذه الفيروسات ليس فشلا شخصيا، بل هو نتيجة البيئة التي نشأنا فيها. يشكل المجتمع والأسرة والسياق التاريخي معتقداتنا وسلوكنا بشكل كبير. إلا أن الاعتراف بهذا التأثير لا يعفينا من مسؤوليتنا. على العكس من ذلك، فهو يدعونا إلى العمل.

كيف يمكننا أن نوحد قوانا وأن نتحلى بالشجاعة للتغيير؟ وفي هذا السياق فإن الشجاعة لها وجهان:

أولاً، إنها الشجاعة للنظر داخل أنفسنا والتعرف على الفيروسات المدمرة التي قد نحملها. يمكن أن يكون هذا التأمل الذاتي مؤلمًا لأنه غالبًا ما يكشف عن أجزاء من أنفسنا لا نفضل الاعتراف بها. ومع ذلك، فهي خطوة ضرورية نحو الشفاء. وبمجرد أن ندرك هذه الميول الضارة، يجب علينا أن نعمل بنشاط على تغييرها. يتضمن ذلك تثقيف نفسك والبحث عن وجهات نظر أخرى والاعتراف بالأخطاء.

ثانياً، تتعلق الشجاعة بحماية الأجيال القادمة. وعلينا أن نسعى جاهدين لكسر هذه الحلقة ومنع انتقال هذه الفيروسات إلى أبنائنا وأحفادنا. وهذا يتطلب التواصل المفتوح والتعليم. 
يجب أن نغرس في نفوس الشباب قيم الإنسانية والمساواة والرحمة وقبول الآخرین كما هم والحب.. ونغرس فيهم حب التقارب والاختلاط من اجل تكامل الثقافات، وعلينا أن نقتدي نحن بهذه السلوكيات في حياتنا اليومية.
حتی نضمن أن الجيل القادم سينشأ في عالم تكون فيه هذه الفيروسات المدمرة أقل انتشارا.

إن الطريق للقضاء على هذه الفيروسات العنيفة طويل ومليء بالتحديات، ولكنه يستحق العناء. كل خطوة نتخذها نحو معرفة الذات والتغيير تقربنا من مجتمع أكثر صحة وأكثر تعاطفاً. إنه جهد جماعي يتطلب مشاركة الجميع.

في عالم يمكن فيه مكافحة الفيروسات الجسدية من خلال التقدم الطبي، فقد حان الوقت للتعرف على فيروسات الكراهية والتعصب والتحيز التي لا تقل خطورة ومكافحتها. قد لا تعالج الحبوب والأدوية هذا الألم، لكن الشجاعة والرحمة والتعليم يمكنها ذلك. دعونا نتحلى بالشجاعة الكافية لمواجهة الفيروسات داخل أنفسنا، ونلتزم بما يكفي لضمان عدم نقلها إلى الأجيال القادمة.

حان الوقت لنتعلم أن المقياس الحقيقي للشجاعة ليس غياب الخوف، بل الرغبة في مواجهته. ومن خلال تحديد ومحاربة الفيروسات العنيفة بداخلنا، فإننا نتخذ خطوة حاسمة نحو عالم أفضل. إنها مهمة شاقة، ولكن بجهودنا المتضافرة والالتزام الذي لا يتزعزع، يمكننا أن نمهد الطريق لمستقبل من التفاهم والمحبة بدلا من الكراهية والانقسام. فلنكن الجيل الذي يختار الشفاء لأنفسنا وللأجيال القادمة.